شهدت أسواق الذهب والفضة تصحيحًا سعريًا حادًا بعد فترة طويلة من المكاسب التاريخية التي استمرت تسعة أسابيع متتالية، حيث ساهم ارتفاع الدولار وتراجع الطلب الفعلي من الأسواق الآسيوية الكبرى بعد موسم ديوالي في الهند في هذا التصحيح، بالإضافة إلى تحسن المعنويات في الأسواق العالمية نتيجة مؤشرات إيجابية حول إمكانية تحسن العلاقات التجارية بين واشنطن وبكين، مما دفع المستثمرين إلى جني الأرباح بعد الارتفاعات القياسية.

قال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة متخصصة في تداول الذهب والمجوهرات، إن أسعار الذهب شهدت انخفاضًا اليوم بحوالي 120 جنيهًا، ليصل سعر جرام الذهب عيار 21 إلى نحو 5470 جنيهًا، بينما تراجعت الأوقية بمقدار 92 دولارًا لتسجل 4018 دولارًا.

أضاف أن سعر عيار 24 بلغ 6251 جنيهًا، وعيار 18 وصل إلى 4689 جنيهًا، وعيار 14 حوالي 3647 جنيهًا، في حين استقر سعر الجنيه الذهب عند 43760 جنيهًا، مما يعكس تراجعات متتالية بعد ذروة تاريخية.

كانت أسعار الذهب في السوق المحلية قد انخفضت يوم أمس بحوالي 285 جنيهًا، بعد أن افتتح جرام الذهب عيار 21 التعاملات عند 5875 جنيهًا وأغلق عند 5590 جنيهًا، في حين تراجعت الأوقية عالميًا بمقدار 238 دولارًا من 4348 دولارًا إلى 4110 دولارات للأوقية.
جاء هذا الهبوط وسط عمليات بيع لجني الأرباح بعد أن سجل الذهب أعلى مستوياته التاريخية عند 4381 دولارًا للأوقية يوم الاثنين، ليشهد تراجعًا في جلسة الثلاثاء بنسبة 6.3% إلى 4082 دولارًا، وهو أكبر انخفاض مئوي منذ عام 2013، بالتزامن مع هبوط العقود الآجلة الأمريكية بنسبة 5.7% عند 4088 دولارًا، كما انخفضت الفضة بنسبة 7% والبلاتين بحوالي 5% خلال الجلسة ذاتها.
يعتبر هذا التصحيح صحيًا بعد ارتفاع غير مسبوق.

يشير إمبابي إلى أن هذا الانخفاض يُعد تصحيحًا ضروريًا بعد ارتفاع الذهب بأكثر من 31% والفضة بنحو 45% خلال فترة قصيرة، مما جعل السوق بحاجة إلى إعادة توازن قبل استئناف الاتجاه الصاعد، كما أن فشل الذهب في تجاوز مستوى 4380 دولارًا للأوقية دفع الأسواق إلى التحول من ملاحقة المكاسب إلى حماية الأرباح، في ظل ارتفاع الدولار وزيادة الإقبال على المخاطرة في أسواق الأسهم العالمية.

فيما يتعلق بالعوامل المحركة، أدى إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن لقاء مرتقب مع نظيره الصيني شي جين بينج في كوريا الجنوبية، والنبرة التصالحية في تصريحاته الأخيرة، إلى تحسين شهية المخاطرة في الأسواق وزيادة الثقة في الأسهم، مما أثر سلبًا على المعادن الثمينة التي تُعتبر ملاذًا آمنًا في أوقات عدم اليقين، كما ساهم انتهاء موسم ديوالي – أحد أكبر مواسم شراء الذهب في الهند، ثاني أكبر مستهلك عالمي – في تراجع الطلب الفعلي مؤقتًا، مما زاد من حدة التصحيح في الأسعار.

على الرغم من التراجع الحاد، يرى بنك أن العوامل الهيكلية التي دعمت ارتفاع الذهب هذا العام ما زالت قائمة، بما في ذلك المخاوف من ارتفاع الديون الحكومية العالمية، وتباطؤ الاقتصاد الأمريكي، واستمرار توقعات خفض الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، كما أضاف التقرير أن المعادن الثمينة أصبحت الآن غير مبالغ في شرائها لكنها ما تزال تمثل نسبة أقل في المحافظ الاستثمارية، مما يمنحها دعمًا طويل الأجل، ويُبقي الاتجاه الصاعد قائمًا على المدى المتوسط إلى الطويل.

يرى محللون أن الاجتماعات المرتقبة بين ترامب وشي وترامب وبوتين قد تشكل نقطة تحول حاسمة في تحديد اتجاه الذهب في الفترة القادمة، فنجاح هذه اللقاءات في تهدئة التوترات الجيوسياسية قد يمدد من فترة التصحيح، بينما أي تصعيد أو فشل في المفاوضات قد يعيد المستثمرين سريعًا إلى الملاذ الآمن.